القرآن والسنة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

القرآن والسنة

قران كريم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
المصحف الشريف بالفلاش

 

 تفسير فاتحة الكتاب - الآية:

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عابد الله

avatar


عدد المساهمات : 4
تاريخ التسجيل : 07/01/2012

تفسير فاتحة الكتاب - الآية: Empty
مُساهمةموضوع: تفسير فاتحة الكتاب - الآية:   تفسير فاتحة الكتاب - الآية: Emptyالسبت يناير 07, 2012 7:42 pm

(بسم الله الرحمن الرحيم)
القرآن الكريم منذ اللحظة التي نزل فيها .. نزل مقرونا بسم الله سبحانه وتعالى ـ ولذلك حينما نتلوه فإننا نبدأ نفس البداية التي أرادها الله تبارك وتعالى ـ وهي أن تكون البداية بسم الله. وأول الكلمات اتلي نطق بها الوحي لمحمد صلى الله عليه وسلم كانت "اقرأ بسم ربك الذي خلق". وهكذا كانت بداية نزول القرآن الكريم ليمارس مهمته في الكون .. هي بسم الله. ونحن الآن حينما نقرأ القرآن نبدأ نفس البداية. ولقد كان محمد عليه الصلاة والسلام في غار حراء حينما جاءه جبريل وكان أول لقاء بين الملك الذي يحمل الوحي بالقرآن .. وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الحق تبارك وتعالى: "اقرأ".
واقرأ تتطلب أن يكون الإنسان .. إما حافظا لشيء يحفظه، أو أمامه شيء مكتوب ليقرأه .. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان حافظا لشيء يقرؤه .. وما كان أمامه كتاب ليقرأ منه .. وحتى لو كان أمامه كتاب فهو أمي لا يقرأ ولا يكتب.
وعندما قال جبريل: "اقرأ" .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ .. وكان الرسول الله صلى الله عليه وسلم منطقيا مع قدراته. وتردد القول ثلاث مرات .. جبريل عليه السلام بوحي من الله سبحانه وتعالى يقول للرسول "اقرأ" ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أنا بقارئ .. ولقد أخذ خصوم الإسلام هذه النقطة .. وقالوا كيف يقول الله لرسوله اقرأ ويرد الرسول ما أنا بقارئ.
نقول إن الله تبارك وتعالى .. كان يتحدث بقدراته التي تقول للشيء كن فيكون، بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتحدث ببشريته التي تقول أنه لا يستطيع أن يقرأ ولا يكتب لتجعله معلما للبشرية كلها إلي يوم القيامة .. لأن كل البشر يعلمهم بشر .. ولكن محمد صلى الله عليه وسلم سيعلمه الله سبحانه وتعالى. ليكون معلما لأكبر علماء البشر .. يأخذون عنه العلم والمعرفة. لذلك جاء الجواب من الله سبحانه وتعالى:

{اقرأ باسم ربك الذي خلق "1" خلق الإنسان من علقٍ "2"}
(سورة العلق)

أي أن الله سبحانه وتعالى. الذي خلق من عدم. سيجعلك تقرأ على الناس ما يعجز علماء الدنيا وحضارات الدنيا على أن يأتوا بمثله .. وسيكون ما تقرأه وأنت النبي الأمي إعجازا .. ليس لهؤلاء الذين سيسمعونه منك لحظة نزوله. ولكن للدنيا كلها وليس في الوقت الذي ينزل فيه فقط، ولكن حتى قيام الساعة، ولذلك قال جل جلاله:

{اقرأ وربك الأكرم "3" الذي علم بالقلم "4"}
(سورة العلق)

أي أن الذي ستقرؤه يا محمد .. سيظل معلما للإنسانية كلها إلي نهاية الدنيا على الأرض .. ولأن المعلم هو الله سبحانه وتعالى قال: "اقرأ وربك الأكرم" مستخدما صيغة المبالغة. فهناك كريم وأكرم .. فأنت حين تتعلم من بشر فهذا دليل على كرم الله جل جلاله .. لأنه يسر لك العلم على يد بشر مثلك .. أما إذا كان الله هو الذي سيعلمك .. يكون "أكرم" .. لأن ربك قد رفعك درجة عالية ليعلمك هو سبحانه وتعالى ..
والحق يريد أن يلفتنا إلي أن محمدا عليه الصلاة والسلام لا يقرأ القرآن لأنه تعلم القراءة، ولكنه يقرأه بسم الله، ومادام بسم الله .. فلا يهم أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلم من بشر أو لم يتعلم. لأن الذي علمه هو الله .. وعلمه فوق مستوى البشرية كلها.
على أننا نبدأ أيضا تلاوة القرآن بسم الله .. لأن الله تبارك وتعالى هو الذي أنزله لنا .. ويسر لنا أن نعرفه ونتلوه .. فالأمر لله علما وقدرة ومعرفة .. واقرأ قول الحق سبحانه وتعالى:

{قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ "16"}
(سورة يونس)

لذلك أنت تقرأ القرآن بسم الله .. لأنه جل جلاله هو الذي يسره لك كلاما وتنزيلا وقراءة .. ولكن هل نحن مطالبون أن نبدأ فقط تلاوة القرآن بسم الله؟ إننا مطالبون أن نبدأ كل عمل بسم الله .. لأننا لابد أن نحترم عطاء الله في كونه. فحين نزع الأرض مثلا .. لابد أن نبدأ بسم الله .. لأننا لم نخلق الأرض التي نحرها .. ولا خلقنا البذرة التي نبذرها. ولا أنزلنا الماء من السماء لينمو الزرع.
أن الفلاح الذي يمسك الفأس ويرمي البذرة قد يكون أجهل الناس بعناصر الأرض ومحتويات البذرة وما يفعله الماء في التربة لينمو الزرع .. إن كل ما يفعله الإنسان هو أنه يعمل فكره المخلوق من الله في المادة المخلوقة من الله .. بالطاقة التي أوجدها الله في أجسادنا ليتم الزرع.
والإنسان لا قدرة له على إرغام الأرض لتعطيه الثمار .. ولا قدرة له على خلق الحبة لتنمو وتصبح شجرة. ولا سلطان له على إنزال الماء من السماء .. فكأنه حين يبدأ العمل بسم الله، يبدؤه بسم الله الذي سخر له الأرض .. وسخر له الحب، وسخر له الماء، وكلها لا قدرة له عليها .. ولا تدخل في طاقته ولا في استطاعته .. فكأنه يعلن أنه يدخل على هذه الأشياء جميعا بسم من سخرها له ..
والله تبارك وتعالى سخر لنا الكون جميعا وأعطانا الدليل على ذلك. فلا تعتقد أن لك قدرة أو ذاتية في هذا الكون .. ولا تعتقد أن الأسباب والقوانين في الكون لها ذاتية. بل هي تعمل بقدرة خالقها. الذي إن شاء أجراها وإن شاء أوقفها.
الجمل الضخم والفيل الهائل المستأنس قد يقودهما طفل صغير فيطيعانه. ولكن الحية صغيرة الحجم لا يقوى أي إنسان على أن يستأنسها. ولو كنا نفعل ذلك بقدراتنا .. لكان استئناس الحية أو الثعبان سهلا لصغر حجمها .. ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يجعلها مثلا لنعلم أنه بقدراته هو قد أخضع لنا ما شاء، ولم يخضع لنا ما شاء. ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى:

{أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون "71" وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون "72" }
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابد الله

avatar


عدد المساهمات : 4
تاريخ التسجيل : 07/01/2012

تفسير فاتحة الكتاب - الآية: Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير فاتحة الكتاب - الآية:   تفسير فاتحة الكتاب - الآية: Emptyالسبت يناير 07, 2012 7:43 pm


(الحمد لله رب العالمين "2" الرحمن الرحيم "3")
فاتحة الكتاب هي أم الكتاب، لا تصلح الصلاة بدونها، فأنت في كل ركعة تستطيع أن تقرأ آية من القرآن الكريم، تختلف عن الآية التي قرأتها في الركعة السابقة، وتختلف عن الآيات التي قرأتها في صلواتك .. ولكن إذا لم تقرأ الفاتحة فسدت الصلاة، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صلى صلاة لم يقرأ فيها أم القرآن فهي خداج ثلاثا غير تام" أي غير صالحة. فالفاتحة أم الكتاب التي لا تصلح الصلاة بدونها، والله سبحانه وتعالى يقول في حديث قدسي: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل .. فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين. قال الله عز وجل حمدني عبدي. فإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله عز وجل: أثنى علي عبدي، فإذا قال مالك يوم الدين، قال الله عز وجل مجدني عبدي .. فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين، قال الله عز وجل هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل .. وإذا قال: "اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين" قال الله عز وجل: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل. وعلينا أن نتنبه ونحن نقرأ هذا الحديث القدسي أن الله تعالى يقول: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، ولم يقل قسمت الفاتحة بيني وبين عبدي، ففاتحة الكتاب هي أساس الصلاة، وهي أم الكتاب. نلاحظ أن هناك ثلاثة أسماء لله قد تكررت في بسم الله الرحمن الرحيم، وفي فاتحة الكتاب، وهذه الأسماء هي: الله. والرحمن والرحيم. نقول أن ليس هناك تكرار في القرآن الكريم، وإذا تكرر اللفظ فيكون معناه في كل مرة مختلفا عن معناه في المرة السابقة، لأن المتكلم هو الله سبحانه وتعالى .. ولذلك فهو يضع اللفظ في مكانه الصحيح، وفي معناه الصحيح.. قولنا: "بسم الله الرحمن الرحيم" هو استعانة بقدرة الله حين نبدأ فعل الأشياء .. إذن فلفظ الجلالة "الله" في بسم الله، معناه الاستعانة بقدرات الله سبحانه وتعالى وصفاته. لتكون عونا لنا على ما نفعل. ولكن إذا قلنا: الحمد لله .. فهي شكر لله على ما فعل لنا. ذلك أننا لا نستطيع أن نقدم الشكر لله إلا إذا استخدمنا لفظ الجلالة. الجامع لكل صفات الله تعالى. لأننا نحمده على كل صفاته ورحمته بنا حتى لا نقول بسم القهار وبسم الوهاب وبسم الكريم، وبسم الرحمن .. نقول الحمد لله على كمال صفاته، فيشمل الحمد كمال الصفات كلها. وهناك فرق بين "بسم الله" الذي نستعين به على ما لا قدرة لنا عليه .. لأن الله هو الذي سخر كل ما في الكون، وجعله يخدمنا، وبين "الحمد لله" فإن لفظ الجلالة إنما جاء هنا لنحمد الله على ما فعل لنا. فكأن "بسم الله في البسملة" طلب العون من الله بكل كمال صفاته .. وكأن الحمد لله في الفاتحة تقديم الشكر لله بكل كمال صفاته. و"الرحمن الرحيم" في البسملة لها معنى غير "الرحمن الرحيم" في الفاتحة، ففي البسملة هي تذكرنا برحمة الله سبحانه وتعالى وغفرانه حتى لا نستحي ولا نهاب أن نستعين باسم الله أن كنا قد فعلنا معصية .. فالله سبحانه وتعالى يريدنا أن نستعين باسمه دائما في كل أعمالنا. فإذا سقط واحد منا في معصية، قال كيف استعين باسم الله، وقد عصيته؟ نقول له ادخل عليه سبحانه وتعالى من باب الرحمة .. فيغفر لك واستعن به فيجيبك. وأنت حين تسقط في معصية تستعيذ برحمة الله من عدله، لأن عدل الله لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. واقرأ قول الله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا "49"} (سورة الكهف) ولولا رحمة الله التي سبقت عدله. ما بقى للناس نعمة وما عاش أحد على ظهر الأرض .. فالله جل جلاله يقول: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ "61"} (سورة النحل) فالإنسان خلق ضعيفا، وخلق هلوعا. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل أحدكم الجنة بعمله إلا أن يتغمده الله برحمته، قالوا: حتى أنت يا رسول الله قال: حتى أنا". فذنوب الإنسان في الدنيا كثيرة .. إذا حكم فقد يظلم. وإذا ظن فقد يسئ .. وإذا تحدث فقد يكذب .. وإذا شهد فقد يبتعد عن الحق .. وإذا تكلم فقد يغتاب. هذه ذنوب نرتكبها بدرجات متفاوتة. ولا يمكن لأحد منا أن ينسب الكمال لنفسه حتى الذين يبذلون أقصى جهدهم في الطاعة لا يصلون إلي الكمال، فالكمال لله وحده. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون". ويصف الله سبحانه وتعالى الإنسان في القرآن الكريم: {وأتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار "34"} (سورة إبراهيم) ولذلك أراد الحق سبحانه وتعالى ألا تمنعنا المعصية عن أن ندخل إلي كل عمل باسم الله .. فعلمنا أن نقول: "بسم الله الرحمن الرحيم" لكي نعرف أن الباب مفتوح للاستعانة بالله. وأن المعصية لا تمنعنا من الاستعانة في كل عمل باسم الله .. لأنه رحمن رحيم، فيكون الله قد أزال وحشتك من المعصية في الاستعانة به سبحانه وتعالى. ولكن الرحمن الرحيم في الفاتحة مقترنة برب العالمين، أوجدك من عدم .. وأمدك بنعم لا تعد ولا تحصى. أنت تحمده على هذه النعم التي أخذتها برحمة الله سبحانه وتعالى في ربوبيته، ذلك أن الربوبية ليس فيها من القسوة بقدر ما فيها من رحمة. والله سبحانه وتعالى رب للمؤمن والكافر، فهو الذي استدعاهم جميعا إلي الوجود. ولذلك فإنه يعطيهم من النعم برحمته .. وليس بما يستحقون .. فالشمس تشرق على المؤمن والكافر .. ولا تحجب أشعتها عن الكافر وتعطيها للمؤمن فقط، والمطر ينزل على من يعبدون الله. ومن يعبدون أوثانا من دون الله. والهواء يتنفسه من قال لا إله إلا الله ومن لم يقلها. وكل النعم التي هي من عطاء الربوبية يهبها الله في الدنيا لخلقه جميعا، وهذه رحمة .. فالله رب الجميع من أطاعه ومن عصاه. وهذه رحمة، والله قابل للتوبة، وهذه رحمة .. إذن ففي الفاتحة تأتي "الرحمن الرحيم" بمعنى رحمة الله في ربوبيته لخلقه، فهو يمهل العاصي ويفتح أبواب التوبة لكل من يلجأ إليه. وقد جعل الله رحمته تسبق غضبه. وهذه رحمة تستوجب الشكر. فمعنى "الرحمن الرحيم" في البسملة يختلف عنها في الفاتحة. فإذا انتقلنا بعد ذلك إلي قوله تعالى: "الحمد لله رب العالمين" فالله محمود لذاته ومحمود لصفاته، ومحمود لنعمه، ومحمود لرحمته، ومحمود لمنهجه، ومحمود لقضائه، الله محمود قبل أن يخلق من يحمده. ومن رحمة الله
سبحانه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابد الله

avatar


عدد المساهمات : 4
تاريخ التسجيل : 07/01/2012

تفسير فاتحة الكتاب - الآية: Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير فاتحة الكتاب - الآية:   تفسير فاتحة الكتاب - الآية: Emptyالسبت يناير 07, 2012 7:45 pm


[font=Arial Black]تفسير فاتحة الكتاب - الآية: 4 - 5
(مالك يوم الدين "4" إياك نعبد وإياك نستعين"5")
إذا كانت كل نعم الله تستحق الحمد .. فإن "مالك يوم الدين" تستحق الحمد الكبير .. لأنه لو لم يوجد يوم للحساب، لنجا الذي ملأ الدنيا شروراً. دون أن يجازى على ما فعل .. ولكان الذي التزم بالتكليف والعبادة وحرم نفسه من متع دنيوية كثيرة إرضاء لله قد شقي في الحياة الدنيا .. ولكن لأن الله تبارك وتعالى هو "مالك يوم الدين" .. فقد أعطى الاتزان للوجود كله .. هذه الملكية ليوم الدين هي التي حمت الضعيف والمظلوم وأبقت الحق في كون الله .. أن الذي منع الدنيا أن تتحول إلي غابة .. يفتك فيها القوي بالضعيف والظالم بالمظلوم .. أن هناك آخرة وحساباً، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي سيحاسب خلقه..
والإنسان المستقيم استقامته تنفع غيره .. لأنه يخشى الله ويعطي كل ذي حقه ويعفو ويسامح .. إذن كل من حوله قد استفاد من خلقه الكريم ومن وقوفه مع الحق والعدل..
أما الإنسان العاصي فيشقى به المجتمع لأنه لا أحد يسلم من شره ولا أحد إلا يصيبه ظلمه .. ولذلك فإن "مالك يوم الدين " هي الميزان .. تعرف أنت أن الذي يفسد في الأرض تنتظره الآخرة .. لن يفلت مهما كانت قوته ونفوذه، فتطمئن اطمئنانا كاملاً إلي أن عدل الله سينال كل ظالم.
على أن "مالك يوم الدين" لها قراءتان .. "مالك يوم الدين" .. وملك يوم الدين. والقراءتان صحيحتان .. والله تبارك وتعالى وصف نفسه في القرآن الكريم بأنه: "مالك يوم الدين" .. ومالك الشيء هو المتصرف فيه وحده .. ليس هناك دخل لأي فرد آخر .. أنا أملك عباءتي .. وأملك متاعي، وأملك منزلي، وأنا المتصرف في هذا كله أحكم فيه بما أراه..
فمالك يوم الدين .. معناها أن الله سبحانه وتعالى سيصرف أمور العباد في ذلك اليوم بدون أسباب .. وأن كل شيء سيأتي من الله مباشرة .. دون أن يستطيع أحد أن يتدخل ولو ظاهراً..
ففي الدنيا يعطى الله الملك ظاهرا لبعض الناس .. ولكن في يوم القيامة ليس هناك ظاهر .. فالأمر مباشر من الله سبحانه وتعالى .. ولذلك يقول الله في وصف يوم الدين:

{كلا بل تكذبون بالدين "9" }
(سورة الانفطار)

فكأن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في الدنيا لتمضي بها الحياة .. ولكن في الآخرة لا توجد أسباب. الملك في ظاهر الدنيا من الله يهبه لمن يشاء .. واقرأ قوله تعالى:

{قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير "26" }
(سورة آل عمران)

ولعل قوله تعالى: "تنزع" تلفتنا إلي أن أحدا في الدنيا لا يريد أن يترك الملك .. ولكن الملك يجب أن ينتزع منه انتزاعا رغما عن إرادته .. والله هو الذي ينزع الملك ممن يشاء..
وهنا نتساءل هل الملك في الدنيا والآخرة ليس لله؟ .. نقول الأمر في كل وقت لله .. ولكن الله تبارك وتعالى استخلف بعض خلقه أو مكنهم من الملك في الأرض .. ولذلك نجد في القرآن الكريم قوله تعالى:

{ألم تر إلي الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين "258" }
(سورة البقرة)

والذي حاج إبراهيم في ربه كافر منكر للألوهية .. ومع ذلك فإنه لم يأخذ الملك بذاته .. بل الله جل جلاله هو الذي أتاه الملك .. إذن الله تبارك وتعالى هو الذي استخلف بعض خلقه ومكنهم من ملك الأرض ظاهريا .. ومعنى ذلك أنه ملك ظاهر للناس فقط .. أن بشرا أصبح ملكا .. ولكن الملك ليس نابعا من ذات من يملك .. ولكنه نابع من أمر الله .. ولو كان نابعا من ذاتية من يملك لبقى له ولم ينزع منه .. والملك الظاهر يمتحن فيه العباد، فيحاسبهم الله يوم القيامة .. كيف تصرفوا؟ وماذا فعلوا؟ .. ويمتحن فيه الناس هل سكتوا على الحاكم الظالم؟ .. وهل استحبوا المعصية؟[/f
ont]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابد الله

avatar


عدد المساهمات : 4
تاريخ التسجيل : 07/01/2012

تفسير فاتحة الكتاب - الآية: Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير فاتحة الكتاب - الآية:   تفسير فاتحة الكتاب - الآية: Emptyالسبت يناير 07, 2012 7:46 pm


تفسير فاتحة الكتاب - الآية: 6 - 7
(اهدنا الصراط المستقيم "6" صراط الذين أنعمت عليهـــــم غيــــــــــر المغضوب عليهم ولا الضالين "7")
بعد أن آمنت بالله سبحانه وتعالى إلها وربا .. واستحضرت عطاء الألوهية ونعم الربوبية وفيوضات رحمة الله على خلقه. وأعلنت أنه لا إله إلا الله. وقولك: "إياك نعبد" أي أن العبادة لله تبارك وتعالى لا نشرك به شيئا ولا نعبد إلا إياه .. وأعلنت أنك ستستعين بالله وحده بقولك: "إياك نستعين". فأنك قد أصبحت من عباد الله. ويعلمك الله سبحانه وتعالى الدعاء الذي يتمناه كل مؤمن .. ومادامت من عباد الله، فإن الله جل جلاله سيستجيب لك .. مصداقا لقوله سبحانه:

{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون "186"}
(سورة البقرة)

والمؤمن لا يطلب الدنيا أبدا .. لماذا؟ .. لأن الحياة الحقيقية للإنسان في الآخرة. فيها الحياة الأبدية والنعيم الذي لا يفارقك ولا تفارقه. فالمؤمن لا يطلب مثلا أن يرزقه الله مالا كثيراً ولا أن يمتلك عمارة مثلا .. لأنه يعلم أن كل هذا وقتي وزائل .. ولكنه يطلب ما ينجيه من النار ويوصله إلي الجنة..
ومن رحمة الله تبارك وتعالى أنه علمنا ما نطلب .. وهذا يستوجب الحمد لله .. وأول ما يطلب المؤمن هو الهداية والصراط المستقيم: "إهدنا الصراط المستقيم".
والهداية نوعان: هداية دلالة وهداية معونة. هداية الدلالة هي للناس جميعا .. وهداية المعونة هي للمؤمنين فقط المتبعين لمنهج الله. والله سبحانه وتعالى هدى كل عباده هداية دلالة أي دلهم على طريق الخير وبينه لهم .. فمن أراد أن يتبع طريق الخير اتبعه .. ومن أراد ألا يتبعه تركه الله لما أراد..
هذه الهداية العامة هي أساس البلاغ عن الله. فقد بين لنا الله تبارك وتعالى في منهجه بافعل ولا تفعل ما يرضيه وما يغضبه .. وأوضح لنا الطريق الذي نتبعه لنهتدي. والطريق الذي لو سلكناه حق علينا غضب الله وسخطه .. ولكن هل كل من بين له الله سبحانه وتعالى طريق الهداية اهتدى؟ .. نقول لا .. واقرأ قوله جل جلاله:

{وأما ثمود فديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون "17" }
(سورة فصلت)

إذن هناك من لا يأخذ طريق الهداية بالاختيار الذي أعطاه الله له .. فلو أن الله سبحانه وتعالى أرادنا جميعا مهديين .. ما استطاع واحد من خلقه أن يخرج على مشيئته. ولكنه جل جلاله خلقنا مختارين لنأتيه عن حب ورغبة بدلا من أن يقهرنا على الطاعة .. وما الذي يحدث للذين اتبعوا طريق الهداية والذين لم يتبعوه وخالفوا مراد اله الشرعي في كونه؟

{الذين اهتدوا زادهم هدى وآياتهم تقواهم "17" }
(سورة محمد)

أي أن كل من يتخذ طريق الهداية يعينه الله عليه .. ويزيده تقوى وحبا في الدين .. أما الذين إذا جاءهم الهدى ابتعدوا عن منهج الله وخالفوه .. فإن الله تبارك وتعالى يتخلى عنهم ويتركهم في ضلالهم. واقرأ قوله تعالى:

{ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين "36" }
(سورة الزخرف)

والله سبحانه وتعالى قد يبين لنا المحرومين من هداية المعونة على الإيمان وهم ثلاثة كما بينهم لنا في القرآن الكريم:

{ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين "107" }
(سورة النحل)

{ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد إيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين "108"}
(سورة المائدة)

{ألم تر إلي الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين "258" }
(سورة البقرة)

إذن فالمطرودون من هداية الله في المعونة على الإيمان .. هم الكافرون والفاسقون والظالمون .. الحق سبحانه وتعالى يقول: "اهدنا الصراط المستقيم" ما هو الصراط؟ .. إنه الطريق الموصلة إلي الغاية. ولماذا نص على أنه الصراط المستقيم. لأن الله سبحانه وتعالى وضع لنا في منهجه الطريق المستقيم .. وهو أقصر الطرق إلي تحقيق الغاية .. فأقصر طريق بين نقطتين هو الطريق المستقيم. ولذلك إذا كنت تقصد مكانا فأقصر طريق تسلكه .. هو الطريق الذي لا اعوجاج فيه ولكنه مستقيم تماما..
ولا تحسب أن البعد عن الطريق المستقيم يبدأ باعوجاج كبير.
بل باعوجاج صغير جدا ولكنه ينتهي إلي بعد كبير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Admin
Admin
avatar


عدد المساهمات : 160
تاريخ التسجيل : 07/01/2012

تفسير فاتحة الكتاب - الآية: Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير فاتحة الكتاب - الآية:   تفسير فاتحة الكتاب - الآية: Emptyالأحد يناير 22, 2012 11:06 am

سبحان الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://qurankareem.ahlamountada.com
Admin
Admin
avatar


عدد المساهمات : 160
تاريخ التسجيل : 07/01/2012

تفسير فاتحة الكتاب - الآية: Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير فاتحة الكتاب - الآية:   تفسير فاتحة الكتاب - الآية: Emptyالإثنين يناير 23, 2012 4:23 pm

جزاك الله خير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://qurankareem.ahlamountada.com
Admin
Admin
avatar


عدد المساهمات : 160
تاريخ التسجيل : 07/01/2012

تفسير فاتحة الكتاب - الآية: Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير فاتحة الكتاب - الآية:   تفسير فاتحة الكتاب - الآية: Emptyالإثنين يناير 30, 2012 11:44 pm

الحمد لله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://qurankareem.ahlamountada.com
 
تفسير فاتحة الكتاب - الآية:
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مجانا الكتاب الفائز بالجائزة العالمية للإستحقاق الثقافي
» تفسير سورة البقر 63
» هذا تفسير للمصحف كاملا صوتي
» تفسير الإمام الشافعي كتاب الكتروني رائع
» تفسير آيات - سورة السجدة والإنسان: حال المؤمن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
القرآن والسنة :: الفئة الأولى :: القران الكريم-
انتقل الى: